Amaya
المساهمات : 142 تاريخ التسجيل : 23/01/2009
| موضوع: شرفة جدتي.. السبت فبراير 07, 2009 3:00 am | |
| جلست كعادتها على كرسيها المطل على الارض القمحية المرتعشة بالذهب , كنت اجزم بأن القمح يستمد قوته وجذابيته منها رغم ما أحدثه الزمن في الجسد المثقل بالانتظار والهموم , على غير العادة تفوهت بكلمات ٍ بسيطة جعلت الوحي الذي هبط فجأة على المكان طالباً مني رسم ذلك المنظر بسرعة كبيرة حتى لا يدركني الوقت يغادر , ظننت انها تتكلم وهي نائمة الا ان تحرك السبحة في يدها اليمنى اعطاني شعوراًبانها تشعر بما اشعر , وكأن تلك الروح قبل ان تأتي الي مرت على جبهتها التي تحمل كبرياءاً وشموخاً وقبلتها .... الاكثر تأثيراً من ذلك والذي يأتي في قالب حزين عيناها التي تمتلىء بالدموع مع اقتراب النسمات الى شرفتها ثم تنسكب كشلال عذب ..المتأمل فيهما يسمع عزف ناي ... فتخرج الازهار من التربة لتجثو امام ركبتيها الى جانب طيور ذات الوان ٍ متجانسة تأتي كيف ولماذا ..لا اعرف فقط عليّ ان اراقب واصمت ... لم اسألها يوماً لانها لن تجيب ... ما اعظم قدرتها على الصمت ويا لهذا القلب الذي تحمل .. ليتني استطيع ان الج اليه لاواسيه واشكره وانحني له اجلالاً وحباً ... ليتني استطيع ان اعرف بماذا تفكر جدتي ... وهل من حقي ان اعرف ؟؟؟ ما أكثر الذين لا يفصحون ... وما اصعب ان لا تجد احد يكون اهلاً للثقة لتقول له ما تخفي في صدرك ِ ... فاحياناً يخرج الكلام من قلوبنا فيتمنى العودة او يأخذ ركنا غير مرئي على جانب الرصيف ويحتضر حتى يموت ... هو الدور الازلي لما نريد ان نقول .. بماذا تفكرين أيتها العزيزة ... بزوجكِ الذي لن يعود ام بأولادك الذين اخذتهم حياتهم ومشاغلهم عنك باستثناء والدي ذو الزيارات القليلة .... وضعتُ الفرشاة على الطاولة في شكل يوحي بانني لن ارسم هذا اليوم ..اقتربت منها ... وضعت يدي على رأسها .. نظرت الي وابتسمت ...
ثم شعرتُ برغبتها في الكلام وكأن شيء ما اراد الخروج ليرتاح ..
- ماذا كنت تريد ان ترسم أيها الشقي ؟؟ ترسمني طبعاً
فاجأني سؤالها كنت اظن انها سوف تسألني عن أبي المشغول قليل الزيارات أو عن أمي التي لم تراها منذ سنوات لانها لا تحب أن تأتي الى القرية بعد ان غرقت في التمدن وحياة الرفاهية أو عن عملي ... ثم اجبتها بثقة ... نعم كنت ارسمك ِ ... قالت : كان حلم جدك ِ بان يرسمني الا ان الموت كان اسرع من ان يكمل لوحته ... اذهب وانظر الى اللوحة غير المكتملة فلن تشاهد الا سهل القمح ِ مع كثير من الدموع والموت ..
تنهدت ثم اضافت اجلس يا بني لاحدثك عن جدك ِ ....... ولكن قبل ذلك الا تريد ان تعد البابونج لي ..
قلت لها بالتأكيد ... كان هذا الشراب الساخن شرابها الوحيد منذ ان تعرفت على جدي .... لسبب قاله لي والدي يوماً ... بانه كان بينهما تعهد بان لا يشربا غيره لانه كان السبب في تعارفهما وحبهما ... ركضت باتجاه المطبخ لاعد لها كوباً من شرابها المفضل وما ان عدت حتى تعثرت فوقع الشراب على يديَ فاحرقهما .. شعرت بالم شديد .. ذهبت الى الشرفة كانت فارغة... الكرسي يرتجف من البرد والمطر لا قمح لا ازهار لا طيور واشجار بلا اوراق وسماء رمادية تعج بالضجر ...... كم تمنيت ان تتكلم معي وكم هي رغبتي الشديدة بان اسقيها من بين يدي شرابها المفضل ذو القصة التي ما زلت اجهلها ..
ليت الحلم اكتمل أو انني تأخرت كثيراً ... كثيراً .... كثيراً !!
بقلم احمد سمير غنيم
م / ن
| |
|
Hiromi
المساهمات : 21 تاريخ التسجيل : 29/01/2009
| موضوع: رد: شرفة جدتي.. الأحد فبراير 08, 2009 6:49 pm | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.... اشكرك اختي على القصة الرائعة والمؤثرة...وتقبلي مروري | |
|
Amaya
المساهمات : 142 تاريخ التسجيل : 23/01/2009
| موضوع: رد: شرفة جدتي.. الخميس فبراير 12, 2009 4:25 am | |
| وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
العفو Hiromi نورت موضوعي بإطلالتك الرائعة .. | |
|